بسم الله الرحمن الرحيم
[center]أهمية الناس
إن التواصل بين الناس يفتح أمام الإنسان آفاقا لا حصر لها .فإذا أحبك الناس ، فإن عملية التعارف تصبح سهلة وتبقى العلاقة أمامك تشكلها كما تريد ،سواء كان ذلك في سبيل الحصول على وظيفة أو الفوز بترقية أو إتمام صفقة أو انتزاع الحب والإعجاب من شخص ما أو إسعاد جمهورك أو تفادي الدخول في دائرة الشك في شخصك من قبل عائلة زوجتك . الآخرين هم خير مساعد لك في الحياة ، فمن بين الآخرين من منحك الحياة من خلال عملية الولادة ، ومنهم من يُطعمك ويُكسبك ويَمدك بالمال ، ومنهم من يُضحكك و يُبكيك ويهون عليك مصاعب الحياة ويداويك ويستثمر لك مالك ويُصلح لك سيارتك ويواريك الثرى عند الممات .فنحن لا نستطيع أن نحيا بدون الآخرين كما لا نستطيع أيضاً أن نموت بدونهم.
فحتى الفنانون و الشعراء الذين يقضون شهوراً طويلة يعملون وهم منغلقون على أنفسهم يبغون في النهاية تحقيق التواصل بينهم وبين مجتمعهم من خلال أعمالهم الإبداعية . فالتواصل هو النواة الأساسية التي ترتكز عليها أعمدة الحضارة في كافة أنحاء العالم .
فالآلاف من الناس يتركون بصمتهم على مختلف جوانب حياتنا ،منهم خبير الأرصاد الذي يُخبرنا عن أحوال الطقس المتوقعة، أو الفني الذي يعمل في شركة اتصالات في الجانب الآخر من الكرة الأرضية ، أو المرأة التي تجمع ثمار المانجو لكي نستخدمها في طعامنا . ففي حياتنا اليومية نتواصل ـ عن قصد أو عن غير قصد ـ مع الكثير من الناس في شتى بقاع الأرض.
فوائد التواصل
إن التواصل بين البشر هو المسئول عن إحداث النمو على مستوى الفرد والتطور على مستوى المجتمع ككل .
تواصل وعش أطول
تتم عملية التواصل على أكمل وجه من خلال عقولنا وتفكيرنا ، والحقيقة تؤكد أن الإنسان الاجتماعي يعيش أطول. ففي كتاب بعنوان keep your brain alive (اعمل على أن يظل عقلك مُتيقظاً) يورد لورانس كاتز وماتينج روبن بعض الدراسات التي قامت بها مؤسسة ماك آرثر والمركز الدولي للعمر الطويل بنيويورك وجامعة كاليفورنيا الجنوبية ،حيث تؤكد هذه الدراسات على أن الناس النشيطين جسمياً واجتماعياً يتمتعون بعمر أطول .كما أن د.ليزا بيركمان من كلية هارفرد قامت بدراسة أثبتت فيها أن الناس الذين يفتقرون إلى الروابط الاجتماعية يكونون أكثر عُرضة ثلاث مرات للإصابة بالأمراض والموت بسببها عن أولئك الذين يتمتعون بعلاقات اجتماعية واسعة.
تواصل واحظ بالتعاون
أياً كان ما تبغيه من الحياة فلابد أنك ستحتاج أحداً ليساعدك في الوصول إلى هدفك .فإذا أحبك الناس ،فسيكونون على أتم الاستعداد لبذل الوقت والجهد من أجلك.
تواصل وعش آمنا
إن المجتمع المترابط يمد أفراده بالقوة والأمان وعندما نشعر بالقوة والأمان نستطيع أن نُكرس طاقتنا في التطوير الاجتماعي والثقافي والروحاني .
تواصل واحظ بالحب
كثيراً ما نحظى بالمساندة العاطفية من شخص آخر . فنحن لسنا أنظمة مغلقة لا تتفاعل إلا مع نفسها ، ولكننا مفطورون على أن نتأثر بمن حولنا ، ونتأثر بملاحظاتهم عنا وبتشجيعهم أو بتوبيخهم لنا ، كما نتأثر بأي رد فعل ناحيتنا يصدر عن الجانب الآخر، فأحياناً يحدث أن نقابل شخصاً يؤثر تأثيراً إيجابياً على عواطفنا وأحاسيسنا ومكانيكية أجسامنا فيما نُسميه بالحب. فالناس هم الذين يسهلون علينا مصاعب الحياة ويزيدون من حلاوة الأوقات الجميلة سواء كان هذا عن طريق لغة الجسم أو الإيماءات أو تعبيرات الوجه أو نبرة الصوت أو حتى بالكلمات وحدها.
فنحن نستهلك المخزون العاطفي لدى الناس تماماً كما نستهلك الهواء الذي نستنشقه والطعام الذي نتناوله. فإذا حرم الإنسان من التفاعل الجسدي والعاطفي مع شخص آخر (فالمعانقة أو حتى الابتسامة يمكن أن يكون لها مفعول قوي للغاية) فسوف يذبل ويموت تماماً كما لو كان قد حُرم من الطعام . فتلك الحقيقة توضح لنا لماذا يُصاب الأطفال اليتامى في الملاجئ بالأمراض المختلفة ويعانون من الضعف العام على الرغم من أنهم يتناولون ما يكفيهم من طعام ويلبسون ثياباً جيدة . وكثيراً ما نسمع عن موت أحد الأزواج عقب وفاة الآخر ببضعة أشهر أو حتى ببضعة أسابيع على الرغم من انه لا يُعاني من أي مشاكل صحية من الناحية الطبية . فالطعام والمأوى ليسا كافيين لاستمرار الحياة ، ولكننا نحتاج لجانبهما إلى بعضنا البعض وإلى الحب والتفاهم.
فائدة حب الناس
إذا أحبك الناس ، فسيشعرون بالراحة والتلقائية عند تواجدهم معك ، وبالتالي سيعطونك كل اهتمامهم ويرحبون بك في عالمهم الخاص .إن كسب حب الناس يعتمد في بعض الأحيان على المظهر العام ، ولكنه يتوقف في النهاية على المشاعر التي تُثيرها في الشخص الذي تتعامل معه .
لماذا في 90 ثانية؟
الوقت ثمين .الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك .أصبح الوقت الآن ملكية خاصة يسعى كل إنسان إلى الحفاظ عليها ،فنحن نستثمر وقتنا ، نجعله يتوقف أويُبطئ أو يُسرع ، نفقد الإحساس به أحياناً وقد نشوهه ،ونلجأ في أحيان أخرى إلى شراء الأجهزة التي توفر الوقت . ولكن مع هذا فالوقت هو أحد الأشياء التي لا نستطيع أن ندخرها مهما بذلنا من جهد .
ففي الماضي كنا مفطورين على أن نتعامل باحترام مع بعضنا البعض، وكنا نُكرس وقتا ًلتوطيد أواصر الصداقة بيننا ولكن الآن وفي خضم الحياة ، نبغي التواصل ونقوم بعمل الفروض ونتخذ القرارات في ثواني معدودة وحتى قبل أن نتحدث بكلمة واحدة مع الشخص الذي أمامنا .ففي ثانية واحدة نُقرر ما إذا كان صديقاً أم عدواً ، فبالفطرة نُقيم بعضنا البعض ،وإذا لم نستطع أن نُعطي الآخرين انطباعاً جيداً عن أنفسنا وبسرعة فإننا نُخاطر بأن يتم تجاهلنا وعدم الاهتمام بنا سواء كان هذا عن قصد أو عن غير قصد.
و هنا يبرز السبب الثاني في أهمية أن نحظى بالقبول من الطرف الآخر في 90 ثانية أو أقل. فالحقيقة تؤكد أن فترة التركيز والانتباه لدى الإنسان لا تكاد تتجاوز 30 ثانية. فالتركيز على شيء ما يتطلب التجديد وإنشاء علاقات مُبتكرة من قبل الطرف الآخر. فإذا لم نجد شيئاً ممتعاً ومُثيراً لنُركز عليه، فإن انتباهنا يتشتت وتسرح عقولنا في أشياء أخرى قد تبدو أكثر أهمية وإمتاعاً مما نُركز عليه، كان نُفكر مثلاً في السلام العالمي ونحن نستمع إلى محاضرة مُملة في الكيمياء.
ففي عملية التواصل لا يكفي أن تستحوذ على اهتمام الطرف الآخر، ولكن يجب أن تُحافظ على دوام هذا الاهتمام لفترة تساعدك على أن توصل الرسالة التي تريدها، فسوف تستحوذ على اهتمام الآخرين من خلال حبهم لك، ولكنك ستحتفظ بهذا الاهتمام من خلال نوعية العلاقة التي تقيمها معهم ، حيث يتوقف كل هذا على مدى حضورك لديهم وعلى مظهرك وتحركك الجسماني، ثم القضية التي تطرحها وكيفية مناقشتك لها ومدى حماسك أثناء المناقشة ، ثم تأتي بعد ذلك المشاعر التي تُثيرها في الآخرين من خلال المناقشة التي تقوم بها.
فعندما تتعلم كيف تُقيم صداقات جيدة وسريعة مع الناس ، فإنك بالتالي ستعمل على تحسين علاقاتك في العمل وفي البيت أيضاً .وستستشعر متعة أن تتقرب إلى الناس بثقة وإخلاص.ولكن وبعد كل هذا يجب أن نوضح أننا لسنا بصدد تغيير شخصيتك ولا فرض أسلوب جديد للحياة عليك، ولكننا نقدم لك بعض المهارات في فن التعامل التي يمكنك استخدامها عند الحاجة .
فإقامة علاقة مع شخص أو مجموعة في أقل من 90 ثانية قد يكون أمراً عسيرً لمُعظم الناس، سواء كان هذا في موقف اجتماعي أو أمام جمهور داخل النطاق الوظيفي، فالشيء المذهل الذي ينقصنا هو التدريب على مهارة التواصل مع الآخرين ، فمن خلال قراءتك ستكتشف أنك تمتلك بالفعل معظم القدرات التي تحتاجها لإقامة علاقات جيدة مع الآخرين ، برغم أنك لم تكن تدري قط أنها موجودة بداخلك.
سنُقسم التواصل بين الناس إلى ثلاثة أقسام: المقابلة ، إقامة علاقة ، ثم التفاعل . وتحدث هذه الأجزاء الثلاثة بسرعة وتتداخل وتختلط مع بعضها البعض . وهدفنا أن نجعلها تلقائية وسهلة قدر الإمكان بالإضافة إلى جعلها ممتعة ومجزية.
فأنت تبدأ عملية التواصل بمقابلة الناس . فقد تُقابل شخصاً ما بالصدفة، شخص على نفس القطار يكون محباً لنفس النوعية من الأفلام التي تُحبها. وقد يحدث أحياناً أن يُقدمك ابن عمك لشخص يعشق شكسبير ويهوى الرحلات الخلوية مثلك تماماً.
فإذا كانت المقابلة هي تواجد شخصين أو أكثر معاً .فإن التفاعل هو ما نقوم به في نفس اللحظة التي نُدرك فيها وجود الشخص الآخر معنا. وبين هذين الحدثين _المقابلة والتفاعل _توجد عملية إقامة العلاقة في 90 ثانية والتي تربط الحدثين معاً.
المقابلة
إذا أعطيت الانطباع الصحيح خلال أول ثلاث أو أربع ثواني في أي مقابلة جديدة ، فأنت بالتالي تجعل الشخص الآخر يؤمن بإخلاصك وبأهليتك للثقة، وستجد أن الفرصة لإنشاء العلاقة أصبحت سهلة أمامك .
1)التحية
نحن نُطلق لفظ "التحية" على الثواني الأولى من أي مقابلة. ونُقسم هذه التحية إلى أربعة أجزاء: الافتتاحية ، العين ، الابتسامة ، التحية الكلامية (السلام) .
الافتتاحية: الجزء الأول من التحية هو أن تُعلن عن ترحيبك من خلال جسدك ورد فعلك .ولكي تنجح في هذا، لابد أن تكون قررت مُسبقاً تبني موقف إيجابي يُناسبك. تأكد أن لغة جسدك مُستعدة ،واعمل على أن يظل قلبك وعواطفك مع الإنسان الذي تتقابل معه . لا تُغط قلبك بيديك.
العين: يرتبط الجزء الثاني من المقابلة بالعين. كن البادئ بالنظر إلى الشخص الآخر، وانظر إليه مباشرة في عينيه واحرص على أن تعكس عيناك موقفك الإيجابي، فتلاقي العيون هو التفاعل الحقيقي.
**********
تعود أن تنظر إلى الناس مباشرة في أعينهم .عند مشاهدتك للتلفزيون في إحدى الليالي ، احرص على ملاحظة لون العين لأكبر عدد ممكن من الناس وكرر اللون الذي لاحظته لنفسك .وفي اليوم التالي افعل نفس الشيء مع كل شخص تقابله وانظر إلى عينيه مباشرة
***********
الابتسامة: يرتبط هذا الجزء ارتباطاً وثيقاً بلغة العيون. كن أول من يبتسم واحرص على جعل ابتسامتك تعكس موقفك.
التحية الكلامية (السلام): بصرف النظر عن الكلمة التي تحيي بها –سواء كانت "السلام عليكم" أو "مرحباً" أو "أهلاً بك" أو "صباح الخير"- فأحرص على قولها بنغمة مُرحبة والصق بها اسمك مباشرة (صباح الخير! أنا أحمد) ، فكما كنت أول من ابتسم ونظر إلى الشخص مباشرة في عينيه ، فكن أول من يبدأ بتعريف نفسه. واعمل على أن تقود الموقف .مد يدك إلى الشخص الآخر لتُصافحه.
2)المصافحة باليد
يجب أن تكون المصافحة باليد جادة وتوحي بالاحترام.
ولمصافحة بدون استعمال اليد هي أداة تعارف قوية وفعالة. قم بفعل كل شيء تقوم به في المصافحة باليد، ولكن بدون استعمال يدك. أشر بقلبك إلى الشخص الآخر وقل أهلاً بك . أضئ عينيك وابتسم وأطلق نفس الطاقة التي غالباً ماتُصاحب المصافحة باليد.فالمصافحة بدون استعمال اليد يمكن أن تقوم بدور هائل عند إجراء العروض التقديمية عندما تُريد أن تُقيم علاقة مع مجموعة ما أو مع جمهور.
إقامة العلاقة
العلاقة هي إيجاد الاهتمامات المُشتركة ، والنطاق الآمن الذي يستطيع اثنان أو أكثر من الناس من خلاله أن يرتبطوا فكرياً ببعضهم.
فإن مكافئتك عندما تنجح في إقامة العلاقة هي القبول الإيجابي من الطرف الآخر.
فعندما تُقابل وتُحيي أناساً جُدداً، فستتوقف قدرتك على إقامة العلاقة على أربعة أشياء : موقفك، وقدرتك على أن "تُزامن" أي توفِق بعض المظاهر مثل لغة جسدك ونبرة صوتك ، ومهارتك في التحدث ، وقدرتك على اكتشاف الحاسة التي يعتمد عليها الطرف الآخر في معظم الأحيان سواء كانت الحاسة السمعية أو البصرية أو الحركية . وعندما تُصبح ماهرً في هذه القدرات الأربع، فستكون قادراً على التواصل وإقامة العلاقة مع أي شخص تختاره وفي أي وقت.
التفاعل
يبدو أن لكل شخص مفهومه الخاص به لكلمة "التفاعل"، ولكن تعريف هذه الكلمة غالباً مايكون على النحو الآتي : "التفاعل هو تبادل المعلومات بين شخصين أو أكثر " ...."التفاعل هو قدرتك على نقل رسالتك إلى الطرف الآخر" ... "التفاعل هو أن تكون مفهوماً وواضحاً"... وأخيراً " معنى التفاعل يكمن في رد الفعل الذي يجلبه" فهذا التعريف بسيط ودقيق حيث يعني أنك مسئول بنسبة 100% على نجاح أو فشل تفاعلك مع الناس.
فالطريق إلى التفاعل المؤثر ينقسم إلى ثلاثة أجزاء واضحة:
حدد ما تريده بالضبط:اعمل على صياغة نواياك بالإثبات.
اكتشف حقيقة ما تحصل عليه: احصل على رد فعل، ستعرف أن تضييع الوقت في المقاهي المليئة بدخان السجائر لا يناسبك.
غير ما تفعله حتى تحصل على ما تريد.